“سلبطة” وزارية على تلفزيون لبنان… عبد الصمد تمارس الزبائنية
وزيرة الإعلام تخرق القانون وتتذرّع بخطر الشغور
في وطن استقال فيه المسؤولون من مسؤولياتهم في عين العاصفة النّقدية الاقتصاديّة الكورونية، والتي لم تبقِ ولم تذر، وفي ظلّ حكومة مستقيلة من أقل واجباتها في تصريف الأعمال وتأمين الحدّ الأدنى لبقاء اللّبنانيين على قيد الحياة، تستيقظ وزيرة الإعلام المستقيلة منال عبد الصّمد من غيبوبة الحكومة، لتفاجىء الجميع بقرارها تكليف المذيعة في قسم الأخبار غادة غانم العريضي بمهام المدير الإداري في تلفزيون لبنان خلفاً لكمال العاقل، ما أثار حفيظة العاملين في المحطّة، وموجة من الانتقادات.
تلفزيون لبنان الذي يعاني من شغور في الإدارة العامة ومجلس الإدراة وتعثّر التّعيينات مرّات عدّة، دفع بالوزيرة المستقيلة عبد الصمد إلى إجراء تعيين سبق هذا التعيين لمنصب مدير مالية، في خرق فاضح للقانون، وبعد استشارتها لهيئة التشريع في وزارة العدل أتى الرد خلافًا لما تشتهيه الوزيرة: لا يُسمح للوزيرة خلال فترة تصريف الأعمال بتوقيع عقود إنتاج جديدة أو برامج جديدة، وحصر دورها بصرف الرواتب وتسيير أعمال المرفق العام.
هذه المخالفات فتحت العيون عن ما كان يجري في أروقة التلفزيون، من محسوبيات في عهود وزراء الإعلام السابقين وصولاً إلى الوزيرة عبد الصّمد، فبعد إقصاء الحارس القضائي بصفة مدير عام طلال المقدسي من قبل الوزير السابق ملحم رياشي لأسباب شخصية، عيّن الأخير أحد أصدقائه طوني عيد مستشارًا تحت مسمّى مستشار وزير الإعلام لشؤون تلفزيون لبنان، وهذا المستشار أصبح في مكتب مدير عام التلفزيون وبإمكانه الإطّلاع على كلّ الأوراق والملفّات التي تخصّ التلفزيون، وأصبح يتقاضى راتبًا من التلفزيون وهو لا يملك أي صفة داخله، وفي عهد الوزير جمال الجراح لم يستغنِ عنه، ولا في عهد عبد الصمد التي قرّرت أن تعزّز دوره، وتسلّمه مفاصل أكبر في المحطة، وبالتالي أصبح يسيّر أمور التلفزيون كما يحلو له.
إذن الصورة أصبحت واضحة، حلف قوامه مستشار ووزيرة وأتباعها، يسيّرون التلفزيون، في ظل غياب مجلس إدارة تناست فيه الوزيرة ضرورة العمل على تشكيله، ومن هنا يبدأ مسلسل التعيينات العشوائية، فبمذكّرة مخالفة للقانون عيّنت عبد الصمد أمين نجم مدير مالي وهو لا يحقّ له أن يكون بهذا المركز لأنّه لا يملك المؤهلات العلمية الكافية، وثانيًا وهو الأهم، ليس من صلاحية الوزيرة إجراء تعيينات في ظلّ حكومة تصريف الأعمال، ثالثًا في النظام الداخلي للتلفزيون في حال أردت أن تنقل شخص من منصب إلى منصب فعليك أن تجري مباراة بوجود مجلس إدارة.
ويستمر مسلسل التّعيينات بهمّة الوزيرة عبد الصمد والتي قضت بتعيين غادة غانم العريضي لمنصب مدير إداري لتلفزيون لبنان، القرار مخالف للقانون وفق ما أكّد المتضرّر من قرار الوزيرة المخرج في تلفزيون لبنان باسم جابر في حديثه لـ”أحوال”، إذ رأى أنّه في أيّة مؤسسة هناك ما يُعرف بـ”الأقدمية”، فكيف إذا كان الأقدم ياسر غازي ولديه صفة أعلى، كذلك لم تجرِ الوزيرة أيّة مباراة وهذا مخالف للقانون، والموظّفون لم يُسألوا عن سيرهم الذاتية إطلاقًا، ولم يبلّغو بأيّة مقابلة.
قالت الوزيرة إنّها استندت إلى رأي هيئة الاستشارات، وهذه الاستشارة كان قد تقدّم بها الوزير رياشي حول إمكانية حلول الوزير مكان رئيس مجلس الإدارة ومدير عام التلفزيون، فجاءه الرد أنه لا يحق له، بل إنّ حقّه مقتصر على التّوقيع لصرف الرّواتب والعقود المبرمة مع الأقمار الاصطناعية، وفق ما أشار جابر.
الوزيرة عبد الصمد أطلّت عبر إحدى القنوات التلفزيونية لتبرّر فعلتها، إلّا أنّ ما قالته أكّد مخالفتها للقانون، فأشارت إلى أنّ هيئة الاستشارات أبلغتها في السابع من كانون الثاني أنّه يحقّ لها أن تقوم بالتّعيينات اللّازمة، نظرًا لحساسيّة منصب المدير الإداري للتلفيزيون وتسييرًا لهذا المرفق…فهل شغور منصب المدير العام ومجلس الإدارة لا يعدّ خطرًا على استمرارية المرفق، وشغور منصب مدير إداري يعد خطرًا؟
تذرّعت عبد الصمد بهذه الاستشارة وقالت إنّه يحقّ لها أن تعيّن شخصًا لتجنّب الشغور، لكنّها خرقت النظام الداخلي للتعينات، عبر عدم إجراء أيّة مباراة وعدم اختيار الأقدم لهذا المنصب وفقًا للقانون، إذ إن الدكتور ياسر غازي المرشح لهذا المنصب أقدم من العريضي، كما أنّ غازي حائز على دكتوراه في العلاقات الدولية، ما يعني مبدأ الكفاءة أيضًا لصالح غازي، وحول رأي المدراء فعبد الصمد استشارت ثلاثة مدراء يدورون في فلكها، ولم تستشر أربعة مدراء يرشّحون غازي لهذا المنصب، وهنا تكون عبد الصمد قد عملت باستشارة هيئة التّشريع والاستشارات، لكنّها لم تلتزم بتطبيق نصّ القانون وإنّما ضربته بعرض الحائط لتحقيق مصالحها.
يبدو أن الوزيرة المستقيلة منال عبد الصمد تناست العديد من الاستشارات الصّادرة عن هيئة الاستشارات والتي تنص إحداها، على أن وزير الإعلام ليس له حق بالتّسلسل الإداري أن يتعاطى مع إدارة تلفزيون لبنان، وليس هناك سلطة وصاية على التلفزيون، ما يعني أنّ ما يُمارس بحق التّلفزيون وموظفيه لا يعدو كونه “سلبطة”، ومن هنا يتوعّد المتضرّرون من قرارات عبد الصمد اللّجوء إلى مجلس شورى الدولة للطعن بهذه القرارات الظّالمة، ويعوّلوا على التّفتيش القضائي للتدخّل، لكف يد العابثين والمسلّفين للمواقف ومصدّري التّعيينات بهدف طموحات انتخابية كما يغمز البعض.
منير قبلان